قوله تعالى : { إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } ، رَوَى لَيثٌ عن مجاهد قال : قال علي : " إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان عندي دينار فصرفته فكنت إذا ناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقت بدرهم ، ثم نُسخت " . ورَوَى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : " إن المسلمين أكثروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل حتى شقّوا عليه ، فأراد الله أن يخفف عن نبيه ، فلما نزلت : { إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } كفَّ كثير من المسلمين عن المسألة ، فأنزل الله :{ أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ } الآية ، فوسع لهم " .
قال أبو بكر : قد دلّت الآية على أحكام ثلاثة ، أحدها : تقديم الصدقة أمام مناجاتهم للنبي صلى الله عليه وسلم لمن يجد ، والثاني : الرخصة في المناجاة لمن لا يجد الصدقة بقوله :{ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فإنّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ } ، فهذا يدل على أن المسألة كانت مباحة لمن لم يجد الصدقة ، والثالث : وجوب الصدقة أمام المسألة بقوله :{ أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ الله عَلَيْكُمْ } . حدثنا عبدالله بن محمد قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع قال : أخبرنا عبدالرزاق عن معمر عن أيوب عن مجاهد في قوله : { إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } الآية ، قال علي رضي الله عنه : " ما عمل بها أحد غيري حتى نُسخت وما كانت إلا ساعة " .