قوله تعالى : { قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ الله حَرَّمَ هَذا } الآية . يعني أبطل لعجزهم عن إقامة الدلالة ، إلا أن الله حرم هذا إذ لم يمكنهم إثبات ما ادعوه من جهة عقل ولا سمع ، وما لم يثبت من أحد هذين الوجهين وليس بمحسوس مشاهد فطريق العلم به منسدّ والحكم ببطلانه واجب .
فإن قيل : فلم دعوا للشهادة حتى إذا شهدوا لم تقبل منهم ؟ قيل : لأنهم لم يشهدوا على هذا الوجه الذي يرجع من قولهم فيه إلى ثقة ، وقيل إنهم كلفوا شهداء من غيرهم ممن تثبت بشهادته حجة .
ونَهَى عن اتباعِ الأهواء المضلة . واعتقاد المذاهب بالهوى يكون من وجوه ، أحدها : هَوَى من سِيقَ إليه ، وقد يكون لشبهة حلّت في نفسه مع زواجر عقله عنها ، ومنها هَوَى تَرْكِ الاستقصاء للمشقّة ، ومنها هَوَى ما جرت به عادته لألفة له ؛ وكل ذلك متميز مما استحسنه بعقله .