قوله تعالى : { ولا تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ } . كانت العرب تدفن أولادها أحياءَ البناتِ منهن خوف الإملاق ، وهو الإفلاس ؛ ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " أَعْظَمُ الذُّنُوبِ أَنْ تَجْعَلَ لله نَدّاً وهُوَ خَلَقَكَ ، وأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ تَأْكُلَ مَعَكَ ، وأَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ " . وهي الموءودة التي ذكرها الله تعالى في قوله : { وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت } [ التكوير : 8 و 9 ] فنهاهم الله عن ذلك مع ذكر السبب الذي كانوا من أجله يقتلونهم ، وأخبر أنه رازقهم ورازق أولادهم .
قوله تعالى : { ولا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ومَا بَطَنَ } قال ابن عباس : ما ظهر منها نكاح حلائل الأبناء والجمع بين الأختين ونحو ذلك ، وما بطن الزنا .
وقوله تعالى : { ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الّتي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالحَقِّ } . قال أبو بكر : رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتّى يَقُولُوا لا إله إلاّ الله فإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهُمْ إِلاّ بِحَقِّهَا وحِسَابُهُمْ عَلى الله " . ولما أراد أبو بكر قتال مانعي الزكاة قالوا له : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها " فقال أبو بكر : هذا من حقِّها ، لو منعوني عقالاً مما كانوا يؤدّونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بإحْدَى ثَلاثٍ : زِناً بَعْدَ إِحْصَانٍ وكُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ وقَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ " ، وهذا عندنا ممن يستحق القتل ويتقرر عليه حكمه . وقد يجب قتل غير هؤلاء على وجه الدفع ، مثل قتل الخوارج ومن قَصَدَ قَتْلَ رجل وأخْذَ ماله فيجوز قتله على جهة المنع من ذلك ؛ لأنه لو كفَّ عن ذلك لم يستحق القتل .