قوله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإيّاهم} الآية [ الأنعام: 151] ،قال ذلك هنا ،وقال في الإسراء:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإيّاكم} [ الإسراء: 31] .
قدّم هنا المخاطبين على الغائبين ،وعكس ثَمّ ،لأن ظاهر قوله هنا:"من إملاق "أي فقر ،أن الإملاق حاصل للوالدين المخاطبين ،لا توقُّعُه فبدئ بهم ،وظاهر قوله ثَمّ{خشية إملاق} أن الإملاق متوقّع بهم وهم موسرون ،فبُدئ بالأولاد ،فما هنا يفيد النهي للآباء عن قتل الأولاد وإن تلبّسوا بالفقر ،وما هناك يفيده وإن تلبّسوا باليُسر .
قوله تعالى:{ذلكم وصّاكم به لعلّكم تعقلون} [ الأنعام: 151] .
ختم: الآية الأولى بقوله:"تعقلون "،والثانية بقوله:"تذكرون "،والثالثة بقوله:"تتقون ".
لأن الأولى: اشتملت على خمسة أشياء عظام ،والوصيّة فيها أبلغ منها في غيرها ،فختمها بما في الإنسان من أعظم السجايا وهو"العقل "الذي امتاز به على سائر الحيوان .
والثانية: اشتملت على خمسة أشياء يقبُح ارتكابُها ،والوصيّة فيها تجري مجرى الزجر والوعظ ،فختمها بقوله:"تذكّرون "أي تتعظون .
والثالثة: اشتملت على ذكر الصّراط المستقيم ،والتحريض على اتباعه ،واجتناب مُنافيه ،فختمها بالتقوى التي هي ملاك العمل ،وخير الزّاد .