قوله تعالى : { فإذَا قَرَأْتَ القُرآنَ فاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ } ، الآية :[ 98 ] :
وقد روى جبير بن مطعم عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة قال : " اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه{[1483]} " ، وروى أبو سعيد الخدري أن رسول الله كان يتعوذ في صلاته قبل القراءة .
وقال مالك : لا يتعوذ في المكتوبة قبل القراءة ، ويتعوذ في قيام رمضان إذا قرأ . ونقل عن بعض السلف ، التعوذ بعد القراءة مطلقاً ، احتجاجاً بقوله تعالى : { فإذَا قَرَأْتَ القُرآنَ فاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ } .
ولا شك في أن ظاهر ذلك ، يقتضى أن تكون الاستعاذة بعد القراءة كقوله تعالى : { فإذَا قَضَيْتُمُ الصلاَةَ فاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً{[1484]} } ، إلا أن غيره محتمل مثل قوله : { وإذَا قُلْتُم فاعْدِلُوا{[1485]} } .
وقوله : { وإذَا سَألْتمُوهُن متاعاً فاسئلُوهُن مِنْ وَرَاءِ حِجابٍ{[1486]} } : ليس المراد به أن يسألا من وراء حجاب بعد سؤال متقدم ، ومثله قول القائل : فإذا قلت فاصدق ، وإذا أحرمت فاغتسل ، يعني : فاغتسل قبل الإحرام .
والمعنى في جميع ذلك : إذا أردت ذلك كذلك ، والاستعاذة قبل القراءة لنفي وساوس الشيطان لعنه الله قبل القراءة ، قال الله تعالى : { وَما أَرْسلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نبِي إلا إذَا تَمَنّى أَلْقَى الشّيْطَانَ{[1487]} } .