قوله تعالى : { إنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ{[979]} إلى أهْلِهَا } الآية [ 58 ] :
فيه دليل على وجوب رد الأمانة إذا طلبها مالكها ، وقبل الطلب لا يخفى وجوب الرد ، فإن في وجوب ردها قبل الطلب بطلان جواز الإمساك ، وفيه بطلان مقصود الائتمان ، وهو الحفظ المقصود للمالك وهذا عام في حق الجميع ، وإن كان قوله تعالى من بعد : { وإذَا حَكَمْتُم بَيْنَ الناسِ أَنْ تَحْكِمُوا بِالْعَدْلِ } ، مخصوصاً بالحكام ، غير أن خصوص الآخر لا يرفع التعلق بعموم الأول على رأي كثير من الأصوليين وإن كان فيهم من يخالف مخالفة لها وجه حسن . وقد روى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت وإذا حكمت عدلت وإذا استرحمت رحمت{[980]} " .
ومثله قوله تعالى في قصة داود : { فَاحْكُمْ بَيْنَ الناسِ بِالحَقِّ وَلاَ تَتبِعِ الهَوَىَ }{[981]} الآية ، وقال تعالى : { إنا أَنْزَلْنَا التوْرَاةَ هُدىً ونُورٌ } إلى قوله : { فَلاَ تخشُوا الناسَ واخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتي ثمَنَاَ قَلِيلاً{[982]} } فأمر الحكام بهذه الخلال الثلاثة وأخذها عليهم . أن لا يتبعوا الهوى . وأن يخشوه ولا يخشوا الناس . وأن لا يشتروا بآياته ثمناً قليلاً .