المفردات:
أن تؤدوا الأمانات: جمع أمانة ،وهي ما يؤتمن عليه الإنسان: لله أو للناس وأداؤها: ردها وحملها إلى أصحابها .
التفسير:
58- إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ... الآية .
الخطاب في هذه الآية عام لجميع المكلفين كما أن الأمانات تعم جميع الحقوق المتعلقة بالذمم سواء كانت حقوق الله أو العباد .
والمعنى: إن الله تعالى يأمركم أيها المؤمنون أن تؤدوا ما ائتمنتم عليه من الحقوق سواء أكانت هذه الحقوق لله تعالى أم للعباد وسواء أكانت فعلية أم قولية أم اعتقادية .
ومعنى أدائها إلى أهلها: توصيلها إلى أصحابها كما هي من غير بخس أو تطفيف أو تحريف أو غير ذلك مما يتنافى مع أدائها بالطريقة التي ترضي الله تعالى .
وقد ذكر المفسرون أن الأمانة على أنواع:
1- أمانة العبد مع ربه ،وتشمل قيامه بحقوق الله عز وجل على عباده من الصلاة ،والزكاة ،والصيام ،والكفارات ،والنذور .
2- أمانة الهبد مع الناس ،ومن ذلك: رد الودائع إلى أربابها ،وعدم الغش ،وحفظ السر .
ويدخل في ذلك عدل الأمراء مع الرعية ؛لأن الحكم أمانة ( فيجب على الولاة تأدية ما لديهم من الأمانات ورد الظلامات وتحري العدل في أحكامهم ){[10]} .
3- أمانة الإنسان مع نفسه بأن يختار لنفسه ما هو الأصلح والأنفع له في الدين والدنيا .
وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ .أي: كما أمركم الله تعالى أيها المؤمنون بأداء الأمانات إلى أهلها فإنه يأمركم- أيضا- إذا حكمتم بين الناس أن تجعلوا حكمكم قائما على الحق والعدل ؛فإن الله تعالى ما أقام ملكه إلا عليهما ،ولأن الأحكام إذا صاحبها الجور والظلم أدت إلى شقاء الأفراد والجماعات .
قال تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ( النحل:90 ) .
وقال تعالى: يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ .( ص: 26 ) .
إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ .أي: نعم الشيء الذي يعظكم الله به أداء الأمانات ،و الحكم بالعدل بين الناس ؛إذ لا يعظكم إلا بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم في الدارين وأن الله دائما سميع لما يقال ،بصير بما يفعل ، فيعلم من أدى الأمانة ومن خان ،ومن حكم بالعدل أو جار ؛فيجازي كلا بعمله .