المفردات:
وأولي الأمر منكم: أصحاب الحل والعقد .من الرؤساء والعلماء .
تنازعتم: اختلفتم .
فردوه إلى الله والرسول .أي: ارجعوا في معرفته إلى كتاب الله ،وسنة رسوله .
تأويلا: مآلا ومرجعا وعاقبة ،أو أحسن تأويلا من تأويلكم .
التفسير:
59- يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْر منكمِ ...
أي: أطيعوا الله واعملوا بكتابه ،وأطيعوا الرسول ؛لأنه موضح للكتاب ومبين له وهو القدوة العملية قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ .( الأحزاب: 21 ) .
وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ .من الولاة والرؤساء والعلماء وغيرهم .
جاء في تفسير المراغي:
وهذه الآية مبينة لأصول الدين في الحكومة الإسلامية وهي:
1- الأصل الأول: القرآن الكريم والعمل به ؛طاعة الله تعالى .
2- الأصل الثاني: سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعمل به ؛طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم .
3- الأصل الثالث: إجماع أولي الأمر وهم أهل الحل والعقد الذين تثق بهم الأمة من العلماء والرؤساء في الجيش والمصالح العامة كالتجار ،والصناع ،والزراع ،ورؤساء العمال ،ومديري الصحف ،ورؤساء تحريرها ،ورجال الأحزاب ممن تثق بهم الأمة .
4- الأصل الرابع: عرض المسائل المتنازع فيها على القواعد و الاحكام العامة في الكتاب والسنة ،وهذه سبيلها الاجتهاد والرد إلى الله والرسول وذلك هو القياس .
فهذه الأربعة الأصول هي مصادر الشريعة ،ولا بد من وجود جماعة يقومون بعرض المسائل المتنازع فيها على الكتاب والسنة والاجتهاد وتحري الصواب والحكم بما يرونه موافقا لروح الكتاب والسنة .
ويجب على الحكام الحكم بما يقرونه .
وبذلك تكون الدولة الإسلامية مؤلفة من جماعتين:
الأولى: الجماعة المبينة للأحكام الذين يسمون الآن: ( الهيئة التشريعية ) .
الثانية: جماعة الحاكمين والمنفذين وهو الذين يسمون: ( الهيئة التنفيذية ) .
فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُول . ِ أي: إن اختلفتم في شيء لم يرد فيه نص صريح في كتاب الله ولا في سنة رسوله ؛فأرجعوه إلى هذين الأصلين وليكن حكمكم فيه بالقياس على ما يشبهه من الأمور وبذلك فتح القرآن للمسلمين باب الفهم والبحث والاجتهاد .
وقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا حين أرسله قاضيا: ما تصنع إن عرض لك قضاء ؟
قال للرسول: أقضي بكتاب الله .
قال الرسول: فإن لم تجد ؟
قال معاذ: أقضي بسنة رسول الله .
قال الرسول: فإن لم تجد ؟
قال معاذ: أجتهد رأيي ولا آلو .
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضى الله ورسوله{[11]} .
إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ .أي: ردوا الشيء المتنازع فيه إلى الله ورسوله بعرضه على الكتاب والسنة .ذلك خيرا وأحسن تأويلا .أي: الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله خير لكم وأصلح وأحسن عاقبة ومآلا .