الْآيَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } .
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : لَمَّا صَانَ اللَّهُ بِالْقِصَاصِ فِي أُهُبِهَا الدِّمَاءَ ، وَعَلَيْهَا تَسَلَّطَ عَلَمُ الْأَعْدَاءِ ، شَرَعَ الْقَسَامَةَ بِالتُّهْمَةِ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَاعْتَبَرَ فِيهَا التُّهْمَةَ ، وَقَدْ حَبَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فِي الدِّمَاءِ وَالِاعْتِدَاءِ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ الْمُعَامَلَاتِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اعْتَبَرَ كَثِيرٌ من الْعُلَمَاءِ قَتِيلَ الْمَحَلَّةِ فِي الْقَسَامَةِ ؛ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَجْلِ طَلَبِ الْيَهُودِ ، وَلِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي الصَّحِيحِ : أَنَّ نَفَرًا من قَوْمِهِ أَتَوْا خَيْبَرَ فَتَفَرَّقُوا فِيهَا فَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا ، فَقَالُوا لِلَّذِي وُجِدَ فِيهِمْ : قَدْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا . قَالُوا : مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلَهُ .
وَقَالَ عُمَرُ حِينَ قَدَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْيَهُودَ : أَنْتُمْ عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا .
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْيَهُودِ وَبَدَأَ بِهِمْ : ( أَيَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا . فَأَبَوْا ، فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ : أَتَحْلِفُونَ ؟ قَالُوا : نَحْلِفُ عَلَى الْغَيْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَهُودَ ) ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ . وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ .