الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى : { إنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إمَامٍ مُبِينٍ } .
فِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ :
فِي سَبَبِ نُزُولِهَا :
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَتْ مَنَازِلُ الْأَنْصَارِ بَعِيدَةً من الْمَسْجِدِ ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا إلَى الْمَسْجِدِ ، فَنَزَلَتْ : { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } فَقَالُوا : نَثْبُتُ مَكَانَنَا .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا بَنِي سَلِمَةَ ، وَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ . وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ بَنِي سَلِمَةَ أَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِلُوا قَرِيبًا من الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : يَا بَنِي سَلِمَةَ ؛ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ؛ يَعْنِي الْزَمُوا دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ لَكُمْ آثَارُكُمْ » ، أَيْ خُطَاكُمْ إلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ بِهَا عَنْهُ خَطِيئَةً ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ } .