الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى : { وَهَلْ أَتَاك نَبَأُ الْخَصْمِ إذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ إذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُد فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ } .
الْآيَةُ فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْخَصْمُ كَلِمَةٌ تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وُقُوعَ الْمَصَادِرِ عَلَى ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمَا كَانَا اثْنَيْنِ ، فَيَنْتَظِمُ الْكَلَامُ بِهِمَا ، وَيَصِحُّ الْمُرَادُ فِيهِمَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى : { تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ } يَعْنِي جَاءُوا من أَعْلَاهُ . وَالسُّورَةُ الْمَنْزِلَةُ الْعَالِيَةُ كَانَتْ بُقْعَةً مَحْسُوسَةً أَوْ مَنْزِلَةً مَعْقُولَةً ؛ قَالَ الشَّاعِرُ :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاك سُورَةً *** تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ
فَهَذَا هُوَ الْمَنْزِلَةُ . وَسُورُ الْمَدِينَةِ الْمَوْضِعُ الْعَالِي مِنْهَا ، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ . وَالسُّؤْرُ مَهْمُوزٌ : بَقِيَّةُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي الْإِنَاءِ . وَالسُّؤْرُ : الْوَلِيمَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ .
وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ : يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ ؛ إنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ لَكُمْ سُؤْرًا فَحَيَّ هَلَّا بِكُمْ » .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي الْمِحْرَابِ ، قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي سُورَةِ سَبَأٍ .