قوله تعالى : { فطفق مسحا بالسوق والأعناق } :
اختلف في المسح في هذه الآية ما هو ، فقيل مسحها بيده تكريما لها ومحبة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرسه ، وهو قول ابن عباس وغيره . وقيل أراد بالمسح هنا الغسل بالماء . وقيل كان وسما في السوق ، والأعناق بوسم حبس في سبيل الله . وقيل إن المسح هنا بمعنى القطع ، وقيل إنه قطع سوقها وأعناقها . وقال بعضهم قتلها حتى لم يبق منها أكثر من مائة فرس فمن نسل تلك المائة كل ما يوجد اليوم من الخيل . والذين ذهبوا إلى هذا اختلفوا لم فعل ذلك بها ؟ فقيل لمجاعة كانت بالناس فعقرها لهم ليأكلوها وكان لحوم الخيل لهم إذ ذاك حلالا . قال بعضهم وقد ذبحت الصحابة فرسا وأكلوه ، رواه مسلم عن جابر . وقيل بل فعل ذلك عقابا للبهائم من أجل أنها شغلته عن صلاة العشي وهي صلاة العصر حتى غابت الشمس . فعلى هذا القول يكون هذا الأمر الذي كان منهاجا له صلى الله عليه وسلم منسوخا في شريعتنا لأنه لا يجوز عندنا معاقبة البهائم . قال بعضهم : فإن قيل العرقبة تعذيب وذلك لا يجوز ، قلنا بل ذلك جائز في شريعتنا إذا أراد أن لا يمكن أحدا من الانتفاع . وقد قال الحسن : قطع سوقها وأعناقها فعوضه الله تعالى خيرا منها الريح تجري بأمره رخاء حيث أصابه . فهذه شريعة بائنة منعها الله تعالى في شرعنا بما ثبت من النهي عن قتل البهائم صيدا وعن إفساد المال وإن فتن . وهذا الحديث في النهي عن قتل البهائم فيما اجتمعت الأمة على معناه فجاز نسخ القرآن به .