– قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله . . . . } إلى قوله : { أن تحبط أعمالكم } :
اختلف في سبب نزول هذه الآية ، فقيل هو ما كانت العرب تفعله من مشاركة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأداء . فربما كان بعضهم يقول : لم يزل كذا في معنى كذا ، ولو فعل الله كذا ، وينبغي أن يكون كذا ونحو ذلك ، فنزلت الآية . وقيل إن سببها أن وفد بني تميم لما قدم قال أبو بكر الصديق : يا رسول الله لو أمرت القعقاع بن معبد {[10509]} وقال عمر بن الخطاب يا رسول الله : أمر الأقرع بن حابس {[10510]} فقال له أبو بكر : ما أردت إلا خلافي . فقال عمر : ما أردت خلافك ، وارتفعت أصواتهما ، فنزلت الآية . وأكثرهم لم يذكر لها سببا {[10511]} واختلفوا في معنى التقدم في الآية ما هو ؟ فقيل هو من تقديم الولاة ، وهذا قول من قصر الآية على سببها من حديث أبي بكر وعمر . وقيل المعنى : لا تذبحوا قبل ذبحه ، وهو قول الحسن بن أبي الحسن . وقيل معناه النهي عن صيام يوم الشك . وحكي عن مسروق أنه قال : دخلت عائشة في يوم الشك فقالت للجارية : أسقيه عسلا ، فقلت إني صائم . فقالت : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام هذا اليوم وفيه نزلت { لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } . وهذا يرد قول من يجيز صيام يوم الشك . وقيل معنى الآية : لا تمشوا بين يدي رسول الله وكذلك بين يدي العلماء فإنهم ورثة الأنبياء ، وحكي هذا عن زيد . وقيل معناها لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة ، وهو قول ابن عباس . والأحسن في الآية أن تحمل على عمومها في كل ما كان يمكن أن يتمثل فيه رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كل ما يكون فيه امتثال أمره ونهيه وفي كل ما يمكن فيه تعظيمه . ويحتج بهذه الآية في اتباع الشرع من كل ما ورد وصدر وربما احتج به نفاة القياس {[10512]} .