- قوله تعالى : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } إلى قوله : { إن الذين يحادون الله } :
اختلف في اسم المظاهر منها ، وهي المجادلة التي ذكر الله تعالى في هذه السورة . فقيل : خولة بنت دليج {[10635]} وقيل خولة بنت حكيم {[10636]} ، قاله عمر بن الخطاب . وقيل خويلة بنت ثعلبة ، قاله قتادة . وقيل خولة بنت دليج ، قاله أبو العالية وغيره . وقيل جليلة ، قالته عائشة . وقيل خولة بنت الصامت . وقيل خولة بنت خويلد ، قاله ابن عباس . وقيل خولة بنت ثعلبة ، قاله محمد بن كعب القرظي وغيره . واختلف أيضا في اسم زوجها . فقيل أوس بن الصامت الأنصاري {[10637]} ، وعليه الجمهور . وقيل سلمة بن صخر البياضي {[10638]} . واختلف أيضا في سبب الآية . فمن قال إن المظاهر كان سلمة قال إنه كان ظاهر منها في شهر رمضان فواقعها ليلة . فسأل قومه أن يسألوا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا وهابوا ذلك وأعظموا {[10639]} جريرته . فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وسأله واسترشده فنزلت الآية وقال له عليه الصلاة والسلام : " أتعتق رقبة ؟ " فقال : والله ما أملك غير رقبتي . فقال : " أتصومن شهرين متتابعين ؟ " فقال : يا رسول الله ، وهل أتيت إلا من الصيام ، قال : " أتطعم ستين مسكينا ؟ " قال لا أجد . فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات قومه يكفر بها . فرجع سلمة إلى قومه فقال لهم : إني وجدت عندكم الشدة ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الرخصة . وقال : أعطاني صدقاتكم{[10640]} . ومن قال إن المظاهر أوس ، قال : إن أوسا ظاهر من امرأته ، وكان الظهار عندهم في الجاهلية فراقا مؤبدا ، فلما فعل ذلك أوس جاءت زوجته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أوسا أكل شبابي ونثرت له بطني ، فلما كبرت ومات أهلي ظاهر مني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أراك إلا حرمت عليه " . فقالت يا رسول الله : لا تفعل ، فإني وحيدة ليس لي أهل سواه . فراجعها رسول الله بمثل مقالته ، فراجعته ، فهو جدالها . وكانت في خلال مجادلتها تقول : اللهم إليك أشكو حالي وانفرادي وفقري إليك . وفي بعض الحديث لها كانت تقول : اللهم إن لي منه صبية صغارا لئن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا . فهذا هو اشتكاؤها . فنزل الوحي عند ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات وكانت عائشة حاضرة لهذا كله . فكانت تقول : سبحان من وسع سمعه الأصوات ، لقد كنت حاضرة وكان بعض كلام خولة يخفى علي ، وسمع الله تعالى جدالها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوس فقال : " أتعتق رقبة " فقال : والله ما أملكها . فقال : " أتصوم شهريين متتابعين ؟ " فقال : والله ما أقدر أن أصبر إلا على ثلاث أكلات في النهار ، ومتى لم أفعل ذلك غشيني بصري . فقال له : " أتطعم ؟ " قال : لا أجد إلا أن تعينني يا رسول الله بمعونة وصلاة – يريد الدعاء – فأعانه صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا ودعا له . وقيل بثلاثين صاعا . فكفر بالطعام وأمسك أهله . وألفاظ الحديث في الروايات مضطربة {[10641]} .