– وقوله تعالى : { الذين يظاهرون منكم من نسائهم } :
حقيقة الظهار الذي ذكره الله تعالى هو أن يشبه الرجل امرأته بأمه في التحريم . وكانت العرب تكني عن ذلك بالظهر ، فيقول : امرأته عليه كظهر أمه ، ولذلك سمي الظهار لأنه مأخوذ من الظهر . وإنما خص الظهر دون البطن والفرج ونحو ذلك من الأعضاء لأنه موضع الركوب في الحيوان ، والمرأة عند الغشيان مركوبة . فإذا قال أحد لامرأته ذلك اللفظ فإنما أراد أن ركوبها للغشيان عليه محرم كركوب أمه فكنى بالركوب عن النكاح ، وهو استعارة بديعة . وكان الظهار في الجاهلية طلاقا مؤبدا وكذلك في أول الإسلام إلى أن نزلت هذه الآية . ولهذا جعلها بعضهم ناسخة ، أي ناسخة لما كان قد تقرر في أول الإسلام ، ولا معنى لقول من يقول إنها ناسخة لما كان في الجاهلية لأن ذلك ليس بنسخ لأنه لم يكن شرعا ، وهو مذكور عن ابن عباس ، ذكره عنه مكي {[10642]} .
قوله تعالى : { ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم } :
رد الله تعالى بهذا على من كان يوقع الظهار ويعتقده حقيقة ، وأخبر أن تصيير الزوجة أما باطل وأن الأم هي الوالدة ، وأما الزوجة فلا تكون أما ولا يكون حكمها حكمها .
قوله تعالى : { وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا } :
أخبر تعالى أن لفظ الظهار الذي كانوا يطلقونه منكرا وزورا . والمنكر من القول هو الذي لا تعرف له حقيقة ، والزور الكذب . وسماه كذبا لأنهم صيروا نساءهم كأمهاتهم وهن لا يصرن كذلك أبدا . والظهار حرام لا يحل إيقاعه أبدا{[10643]} ودل على تحريمه ثلاثة أشياء :
أحدها : تكذيب الله تعالى لمن فعل ذلك . والثاني : أنه سماه منكرا وزورا – والزور الكذب – وهو محرم بإجماع . والثالث : إخباره تعالى أنه معفو عنه ويغفر ، ولا يعفى ويغفر إلا على المذنبين لأنه إذا وقع لزم لكن على غير الحكم الذي كان في الجاهلية وفي أول الإسلام من تأبيد التحريم لأنه تعالى أخرجه من ذلك الحكم إلى باب الكفارة .
/م2