48 - قوله{[6790]} تعالى : { فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } ، وقوله بعد{[6791]} : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم } :
قد{[6792]} قيل في الآيتين : أنهما ناسختان لقوله تعالى : { فإن جاءوك{[6793]} فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } [ المائدة : 42 ] ، وقيل : هما مثلها في المعنى على ما ذكرناه{[6794]} فيما تقدم . وقيل : بل هما ناسختان للحكم بما في التوراة لا للتخيير في الحكم ، ويحتمل أن يقال{[6795]} : هما ناسختان للتخيير وللحكم بما{[6796]} في التوراة ولا خلاف أن الحكم بما في التوراة لا يجوز .
وقوله تعالى : { ولا تتبع أهواءهم } :
يدل{[6797]} على بطلان قول من قال بتقويم{[6798]} الخمر إذا استهلكت{[6799]} للذمي{[6800]} لأن ذلك من أهواء الكفار ، ولا يصح الاستدلال به ، على أن الكفار لا يحلفون في بيعهم ، ويقال : إن ذلك من أهوائهم ، لأن اتباع أهوائهم إنما هو فيما ينفعهم ، وهذا التحليف يضرهم فهو ضد اتباع أهوائهم .
وقوله تعالى : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } :
استدل به قوم على أن شريعة من قبلنا غير لازمة لنا . واستدل قوم آخرون بقوله : { وكيف يحكمونك وعندهم التوراة } [ المائدة : 43 ] ، وبقوله{[6801]} تعالى : { وكتبنا فيها أن النفس بالنفس } [ المائدة : 45 ] الآية ، على أن شريعة من قبلنا لازمة لنا ما لم تنسخ .
قوله تعالى : { فاستبقوا الخيرات } :
استدل به قوم على أن تقديم الواجبات أفضل من تأخيرها وهذا مما اتفق عليه في العبادات كلها ، إلا في الصلاة فإنه اختلف فيها هل الصلاة في أول الوقت أفضل أم لا ؟ فالمشهور في{[6802]} المذهب أن أول الوقت فيها أفضل{[6803]} . وقال بعض المالكية{[6804]} : الوقت كله سواء في الفضل . وقال أبو حنيفة : آخر الوقت أفضل . وأجمعوا في المغرب على{[6805]} أن أول الوقت أفضل . وحجة القول المشهور في المذهب الآية{[6806]} المتقدمة ، وقوله تعالى : { والسابقون السابقون10 أولئك المقربون11 في جنات النعيم12 ) [ الواقعة : 10 – 12 ] ، وقوله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنات عرضها السماوات والأرض } [ آل عمران : 133 ] ، وفي الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الصلاة أفضل ؟ قال : " الصلاة لأول وقتها " {[6807]} . واستدل بعضهم بهذه الآية أيضا على أن الصوم في السفر أفضل من الفطر خلافا لمن رأى الفطر أفضل{[6808]} .