التّفسير
جانب من آيات عظمته:
تعود الآيات أعلاه مرّة أُخرى إِلى مسألة التوحيد والشرك والتي تعتبر واحدة من أهم مباحث الإِسلام ،وبحوث هذه السورة ،وتجرّ المشركين إِلى المحاكمة وتثبت عجزهم .
فتقول أولا: ( ألا إِنّ لله من في السماوات ومن في الأرض ) وإِذا كان الأشخاص ملكه ومنه ،فمن الأُولى أن تكون الأشياء الموجودة في هذا العالم ملكه ومنه ،وبناءً على هذه فإِنّه مالك كل عالم الوجود ،ومع هذا الحال كيف يمكن أن يكون مماليكه شركاءه ؟
ثمّ تضيف الآية: ( وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إِن يتبعون إلاّ الظّن )إِذ لا دليل ولا برهان لهم على كلامهم ( وإِن هم إلاّ يخرصون ) .
كلمة «الخرص » وردت في اللغة بمعنى الكذب ،وكذلك وردت بمعنى الحدس والتخمين ،وفي الأصلكما قاله الراغب في مفرداتهبمعنى حزر الفواكه ،ثمّ تخمينها على الأشجار ،ولما كان الحدس والتخمين قد يخطئ أحياناً ،فإِنّ هذه المادة قد جاءت بمعنى الكذب أيضاً .
وأساساً ،فإنّ إِتباع الظن والحدس الذي لا يستند إِلى أساس ثابت يجرّ الإِنسان في النهاية إِلى وادي الكذب عادة .والأشخاص الذين جعلوا الأصنام شريكة لله سبحانه لم يكن لهم مستند في ذلك إلاّ الأوهام ..الأوهام التي يصعب علينا اليوم حتى تصورها ،إِذ كيف يمكن أن يصنع الإِنسان تماثيل ومجسمات لا روح لها ،ثمّ يعتبر ما صنعه وخلقه ربّاً له وأنّه هو صاحب إِرادته ،وأن أمره بيده ؟!يضع مقدراته في يده وتحت تصرفه ويطلب منه حل مشاكله ؟!أليست هذه الدعوى من أوضح مصاديق الزيف و الكذب ؟
بل يمكن استفادة هذا من الآية كقانون كلي عامبدقة قليلةوهو أنّ كل من يتبع الظن والأوهام الباطلة فإِنّه سينجّر في النهاية إِلى الكذب ..إِنّ الحق والصدق قائم على أساس القطع واليقين ،أمّا الكذب فإِنّه يقوم على أساس التخمينات والظنون والشائعات !
/خ67