/م1
ثمّ يأتي جواب القسم ،ويقول سبحانه:
{إن الإِنسان لربه لكنود} .
نعم ،الإِنسان البعيد عن التربية الصحيحة ...والذي لم تشرق في قلبه أنوار المعارف الإِلهية وتعاليم الأنبياء ...الإِنسان الخاضع لأهوائه وشهواته الجامحة هو حتماً كفور بالنعمة وبخيل ...إنّه لكنود .
و«كنود » اسم للأرض التي لا تنبت ،وتطلق على الإِنسان الكفور والبخيل أيضاً .
المفسّرون ذكروا لكلمة «كنود » معاني كثيرة ،منهم «أبو الفتوح الرازي » نقل ما يقارب من خمسة عشر معنى ،ولكنّها غالباً فروع للمعنى الأصلي الذي ذكرناه ،من ذلك:
1الكنود ،الذي يهوّل من مصائبه وينسى النعم .
2هو الذي يأكل نِعم الله وحده ،ويمنعها عن الآخرين .وورد عن الرسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال:"أتدرون من الكنود ؟قيل: الله ورسوله أعلم .قال: الكنود الذي يأكل وحده ،ويمنع رفده ،ويضرب عبده "{[6131]} .
3الكنود ،الذي لا يواسي إخوته في مشاكلهم ومصائبهم .
4من كان خيره شحيح .
5من يمنع نعمته عن الآخرين ،ويجزع في المشاكل والمصائب .
6من ينفق النعم الإِلهية في المعاصي .
7من ينكر نعمة الله .
وهذه المعانيكما ذكرنامصاديق وتفريعات لمعنى الكفران والبخل .
كلمة ( الإِنسان ) في مثل هذه الاستعمالات القرآنية تعني الأفراد المتطبعين على الشر والشهوات الجامحة والطغيان ،وقيل: إنّه الإِنسان الكافر .
فهذه الصفة لا يمكن إطلاقها على مطلق الإِنسان .فثمّة أفراد ليسوا بقليلين من امتزج الشكر والعطاء بدمائهم ،ورفضوا البخل والكفران ،واستطاعوا بفضل الإِيمان بالله أن يتحرروا من الذاتية والأهواء الدنيئة ،ويحلقوا في أجواء معرفة أسماء الله وصفاته ،والتخلق بالأخلاق الإِلهية .
/خ11