ولكن يعقوبدون أن يتهم إِخوة يوسف بسوء القصدأظهر تردّده في إِرسال يوسف لأمرين: الأوّل: أنه سيبتعد عنه فيحزن عليه ،والثاني: ربّما يوجد خارج المدينة بعض الذئاب المفترسة فتأكله ،فاعتذر إِليهم و( قال إِني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ) .
وهذه المسألة طبيعية ،حيث قد يبتعد إِخوة يوسف عنه فيغفلون عن أمره ،فيأتي إِليه الذئب فيأكله .
وبديهي أنّ الإِخوة لم يكن لهم جواب بالنسبة للأمر الأوّل الذي أشار إِليه أبوهم يعقوب ،لأنّ الحزن والاغتمام على فراق يوسف لم يكن شيئاً عاديّاً حتى يعوّض عنه ،وربّما كان هذا التعبير مثيراً لنار الحسَد في إِخوة يوسف أكثر .
ومن جهة أُخرى فإن هذا الموضوع الذي أشار إِليه يعقوب ،وهو حزنه على ابتعاد يوسف عنه يمكن ردّه ،وهو لا يحتاج إلى بيان ،لأنّ الولد لابدّ له من الابتعاد عن أبيه من أجل أن ينمو ويرشد ،وإِذا أريد له أن يكون كنبات «النّورس » بحيث يبقى تحت ظل شجرة «وجود الأب » فإنّه سوف يبقى عالة عليه فلابدّ من هذا الابتعاد والانفصال حتى يتكامل ولده ،فاليوم تنزّه وغداً اجتهاد ومثابرة لتحصيل العلم ،وبعد غد عمل وسعي للحياة ،وأخيراً فإِنّ الانفصال لابدّ منه .
/خ14