التّفسير
يوسف أميناً على خزائن مصر:
رأينا أنّ يوسفهذا النّبي العظيمثبتت براءته أخيراً للجميع ،وحتّى الأعداء شهدوا بطهارته ونزاهته ،وظهر لهم أنّ الذنب الوحيد الذي أودع من أجله السجن لم يكن غير التقوى والأمانة التي كان يتحلّى بهما .
إضافةً إلى هذا فقد ثبت لهم أنّ هذا السجين منهل العلم والمعرفة والنباهة وطاقة فذّة وعالية في الإدارة ،حيث أنّه حينما فسّر رؤيا الملك ( وهو سلطان مصر ) بيّن له الطرق الكفيلة للخلاص من المشكلة الاقتصادية المتفاقمة القادمة .
ثمّ يستمر القرآن بذكر القصّة فيقول: ( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي ) .وهكذا أمر الملك بإحضاره لكي يجعله مستشاره الخاص ونائبه في المهمّات فيستفيد من علمه ومعرفته وخبرته لحلّ المشاكل المستعصية .
ثمّ أرسل الملك مندوباً لزيارته في السجن ،فدخل عليه وأبلغه تحيات الملك وعواطفه القلبية تجاهه ثمّ قال له: إنّه قد لبّى طلبك في البحث والتحقيق عن نساء مصر وإتّهامهنّ إيّاك ،حيث شهدن جميعهنّ صراحةً ببراءتك ونزاهتك فالآن لا مجال للتأخير ،قم لنذهب إلى الملك .
فدخل يوسف على الملك وتكلّم معه فعندما سمع من يوسف الأجوبة التي تحكي عن علمه وفراسته وذكائه الحادّ ،ازداد حبّاً له وقال: إنّ لك اليوم عندنا منزلة رفيعة وسلطات واسعة وإنّك في موضع ثقتنا واعتمادنا ( فلمّا كلّمه قال إنّك اليوم لدينا مكين أمين ) فلابدّ أن تتصدّى للمناصب الهامّة في هذا البلد ،وتهتمّ بإصلاح الأُمور الفاسدة ،وإنّك تعلم ( حينما فسّرت الرؤيا ) بأنّ أزمة اقتصادية شديدة سوف تعصف بهذا البلد ،وفي تصوّري إنّك الشخص الوحيد القادر على أن يتغلّب على هذه الأزمة .
/خ57