التّفسير
بعد أن أشارت الآية الأُولى في السورة إلى معجزة إسراء النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليلا مِن المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ،كشفت آيات السورة الأُخرى ،عن موقف المشركين والمعارضين لمثل هذه الأحداث ،وأبانت استنكارهم لها ،وعنادهم إِزاء الحق ،في هذا الاتجاه انعطفت الآية الأُولىمِن الآيات مورد البحثعلى قوم موسى ،ليقول لرسول اللّه( صلى الله عليه وآله وسلم ): إِنّ تأريخ النبوات واحد ،وإِنَّ موقف المعاندين واحد أيضاً ،وأنَّهُ ليس مِن الجديد أن يقف الشرك القرشي موقفه هذا منك ،وبين يديك الآن تأريخ بني إِسرائيل في موقفهم مِن موسى( عليه السلام ) .
تقول الآية أوّلاً: ( وآتينا موسى الكتاب ) .
وصفة هذا الكتاب أنَّه: ( وَجعلناه هُدىً لبني إِسرائيل ) والكتاب الذي تعنيه الآية هنا هو «التوراة » الذي نزل على موسى( عليه السلام ) هدىً لبني إِسرائيل .
ثمّ تشير الآية إلى الهدف مِن بعثة الأنبياء بما فيهم موسى( عليه السلام ) فتقول: ( ألا ّتتخذوا مِن دوني وكيلا ){[2174]} .
إِنَّ التوحيد في العمل هو واحدٌ مِن معالم أصل التوحيد ،وهو علامة على التوحيد العقائدي .الآية تقول: لا تتكئ على أحد سوى اللّه ،وإِنَّ أي اعتماد على غيره دلالة على ضعف الإِيمان بأصل التوحيد .إِنَّ أسمى معاني التجلّي في هداية الكتب السماوية ،هو اشتعال نور التوحيد في القلوب والانقطاع عن الجميع والاتصال باللّه تعالى .