/م9
ثمّ تقول الآيات بعد ذلك: ( إِذ أوى الفتية إلى الكهف ) وعندما انقطعوا عن كل أمل توجهوا نحو خالقهم: ( فقالوا ربّنا آتنا مِن لدنك رحمة ) ثم: ( وهيئ لنا مِن أمرنا رشداً ) .أي أرشدنا إلى طريق يُنقذنا مِن هذا الضيق ويقربنا مِن مرضاتك وسعادتك ،الطريق الذي فيه الخير والسعادة وإِطاعة أوامر الله تعالى .
ملاحظات
1جملة ( أوى الفتية ) مِن مادة ( مأوى ) وتعني المكان الآمن ،وهو إِشارة إلى أنَّ هؤلاء الفتية الهاربين مِن بيئتهم الفاسدة المنحرفة قد أحسّوا بالأمن عندما وصلوا إلى الغار .
2( فتية ) جمع ( فتى ) وهو الشاب الحدث ،ولكنها تطلق أحياناً على الأشخاص الكبار والمسنين الذين يملكون روحية شابَّة ،وقد ذُكرت هذه الكلمة مَع نوع مِن الإِشادة والمدح لأصحاب الكهف بسبب صفات الفتوة والشهامة والتسليم في مقابل الحق .
والشاهد على هذا الكلام ما نُقل عن الإِمام الصادق في أصحاب الكهف إِذ قال: «أمّا علمت أنَّ أصحاب الكهف كانوا كُلّهم كهولا فسمّاهم الله فتية بإِيمانهم » .
بعد ذلك أضاف الإِمام الصادق في معنى الفتوة قولهُ( عليه السلام ): «مَن آمن بالله واتقى فهو الفتى »{[2275]} .
وقد نقل عن الإِمام الصادق ما يشبه هذا الحديث في ( روضة الكافي ){[2276]} أيضاً .
3استخدام تعبير ( مِن لدنك رحمة ) إِشارة إلى أنَّ هؤلاء الفتية عندما لجأوا إلى الغار تركوا جميع الوسائل والأسباب الظاهرية ،وكانوا لا يأملون سوى رحمة الله .