/م9
في البداية يقول تعالى: ( أم حسبت أنَّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا مِن آياتنا عجباً ) .إِنَّ لنا آيات أكثر عجباً في السموات والأرض ،وإِن كل واحد منها نموذج لعظمة الخالق جلَّ وعلا ،وفي حياتكمأيضاًأسرار عجبية تُعتبر كل واحدة مِنها علامة على صدق دعوتك ،وفي كتابك السماوي الكبير هذه آيات عجيبة كثيرة ،وبالطبع فإِنَّ قصّة أصحاب الكهف ليست بأعجب مِنها .
أمّا لماذا سميت هذه المجموعة بأصحاب الكهف ؟فذلك يعود إلى لجوئهم إلى الغار كي يُنقذوا أنفسهم ،كما سيأتي ذلك لاحقاً إِن شاء الله .
أمّا «الرقيم » ففي الأصل مأخوذة مِن ( رقم ) وتعني الكتابة{[2274]} ،وحسب اعتقاد أغلب المفسّرين فإِنَّ هذا هو اسم ثان لأصحاب الكهف ،لأنَّهُ في النهاية تمت كتابة أسمائهم على لوحة وُضعت على باب الغار .
البعض يرى أنَّ «الرقيم » اسم الجبل الذي كان فيه الغار .
والبعض الآخر اعتبر ذلك اسما للمنطقة التي كان الجبل يقع فيها .
أمّا بعضهم فقد اعتبر ذلك اسما للمدينة التي خرجَ مِنها أصحاب الكهف ،إِلاَّ أنَّ المعنى الأوّل أكثر صحة كما يظهر .
أمّا ما احتملهُ البعض مِن أنَّ أصحاب الرقيم هم مجموعة أُخرى غير أصحاب الكهف ،وتنقل بعض المرويات قصّة تختص بهم ،فالظاهر أنَّ هذا الرأي لا يتناسب مع الآية ،لأنَّ ظاهر الآية يدل على أنَّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا مجموعة واحدة ،لذلك وبعد ذكر العنوانين تذكر السورة قصّة أصحاب الكهفولا تذكر غيرهم .وهذا بنفسه دليل على الوحدة .
وفي الرّوايات المعروفة الواردة في تفسير نور الثقلين في ذيل الحديث عن الآية ،نرى أنَّ الأشخاص الثلاثة الذين دخلوا الغار قد دعوا الله بأخلص ما عملوه لوجهه تعالى أن يُنجيهم مِن محنتهم ،ولكن هذه الرّوايات لا تتحدث عن أصحاب الرقيم بالرغم مِن أنَّ بعض كُتب التّفسير قد تعرَّضت لهم .
على أية حال يجب أن لا نتردَّد في أنَّ هاتين المجموعتين ( أصحاب الكهف والرقيم ) هم مجموعة واحدة ،وأنَّ سبب نزول الآيات يعضد هذه الحقيقة .