/ت11
بحوث
1المراد من قوله تعالى: ( فاخلع نعليك )
وكما قلنا ،فإِن ظاهر الآية أنّ موسى( عليه السلام ) قد أمر بخلع نعليه احتراماً لتلك الأرض المقدسة ،وأن يسير بكل خضوع وتواضع في ذلك الوادي ليسمع كلام الحق ،وأمر الرسالة .
إِلاّ أنّ بعض المفسّرين قالوا تبعاً لبعض الرّوايات: إِنّ سبب ذلك هو أن جلد ذلك النعل كان من جلد حيوان ميت .
إِنّ هذا الكلام إِضافة إِلى أنّه يبدو بعيداً بحد ذاته ،لأنّه لا دليل على أن موسى( عليه السلام ) كان يستعمل مثل هذه الجلود والنعال الملوثة ،فإِن الرّواية التي رويت عن الناحية المقدسة ،صاحب الزمانأرواحنا له الفداءتنفي هذا التّفسير نفياً شديداً{[2412]} .ويلاحظ في التوراة الحالية أيضاً ،سفر الخروج ،الفصل الثّالث ،نفس التعبير الذي يوجد في القرآن .
البعض الآخر من الرّوايات يشير إِلى تأويل الآية وبطونها: «فاخلع نعليك: أي خوفيك: خوفك من ضياع أهلك ،وخوفك من فرعون »{[2413]} .
وفي حديث آخر عن الإِمام الصادق( عليه السلام ) فيما يتعلق بهذا الجانب والزمن من حياة موسى( عليه السلام ) حيث يقول: «كن لما لا ترجوا أرجى منك لما ترجو ،فإن موسى بن عمران خرج ليقبس لأهله ناراً فرجع إِليهم وهو رسول نبي »{[2414]} !وهي إِشارة إلى أن الإِنسان كثيراً ما يأمل أن يصل إِلى شيء لكنه لا يصل إِليه ،إِلاّ أن أشياء أهملا أمل له في نيلها تتهيأ له بفضل الله .
وقد نقل هذا المعنى أيضاً عن أمير المؤمنين علي( عليه السلام ){[2415]} .
2جواب عن سؤال ،
يطرح بعض المفسّرين هنا سؤالا ،وهو: كيف ومن أين علم موسى أنّ الصوت الذي يسمعه صادرٌ من الله سبحانه وتعالى ؟ومن أين تيقن أن الله كلّفه بهذه المهمّة ؟
وهذا السؤال يمكن طرحه في شأن سائر الأنبياء أيضاً ،ويمكن الإِجابة عنه بطريقين:
الأوّل: إِنّه يحصل للأنبياء في تلك الحالة نوع من المكاشفة الباطنية والإِحساس الداخلي تبلغهم وتوصلهم إِلى القطع واليقين الكامل ،وتزيل عنهم كل أنواع الشك والشبهة .
والثّاني: إِنّ من الممكن أن تكون بداية الوحي مقترنة بأُمور خارقة للعادة ،لا يمكن أن تقع وتتمّ إِلا بقوة الله ،كما أن موسى( عليه السلام ) شاهد النار في الشجرة الخضراء ،ومن هذا فهم أن المسألة إِلهية وإِعجازية .
وينبغي أن نذكّر بهذا الموضوع أيضاً ،وهو أن سماع كلام الله سبحانه وبلا واسطة ،لا يعني أن لله حنجرة وصوتاً ،بل إِنّه يخلق بقدرته الكاملة أمواج الصوت في الفضاء ،ويتكلم مع أنبيائه عن هذا الطريق ،ولما كانت نبوة موسى( عليه السلام ) قد بدأت بهذه الكيفية ،فقد لقب ب ( كليم الله ) .