وعلى كلّ حال ،فإنّ كبير القوم إذا لام مَن تحت إمرته على إرتكابهم ذنباً ما ،فإنّهم يسعون إلى نفي ذلك الذنب عنهم ،ويلقونه على عاتق غيرهم ،وكذلك عبّاد العجل من بني إسرائيل ،فإنّهم كانوا قد انحرفوا بإرادتهم ورغبتهم عن التوحيد إلى الشرك ،إلاّ أنّهم أرادوا أن يلقوا كلّ التبعة على السامري .
على كلّ ،فإنّ السامري ألقى كلّ أدوات زينة الفراعنة وحليهم التي كانوا قد حصلوا عليها عن طريق الظلم والمعصيةولم يكن لها قيمة إلاّ أن تصرف في مثل هذا العمل المحرّمفي النّار ( فأخرج لهم عجلا جسداً له خوار ){[2447]} فلمّا رأىبنو إسرائيل هذا المشهد ،نسوا فجأةً كلّ تعليمات موسى التوحيديّة ( فقالوا هذا إلهكم وإله موسى ) .
ويحتمل أيضاً أن يكون قائل هذا الكلام هو السامري وأنصاره والمؤمنون به .
وبهذا فإنّ السامري قد نسي عهده وميثاقه مع موسى ،بل مع إله موسى ،وجرّ الناس إلى طريق الضلال: «فنسي » .
ولكن بعض المفسّرين فسّروا «النسيان » بالضلال والانحراف ،أو أنّهم اعتبروا فاعل النسيان موسى ( عليه السلام ) وقالوا: إنّ هذا كلام السامري ،وهو يريد أن يقول: إنّ موسى نسي أنّ هذا العجل هو ربّكم ،إلاّ أنّ كلّ ذلك مخالف لظاهر الآية ،وظاهرها هو ما قلناه من أنّ المراد هو أنّ السامري قد أودع عهده وميثاقه مع موسى وربّ موسى في يد النسيان ،واتّخذ طريق عبادة الأصنام .
/خ91