التّفسير
الإيمان والتسليم التام إزاء الحقّ:
لاحظنا في الآيات السابقة ردّ فعل المنافقين ،الذين اسودّتْ قلوبهم ،وأصبحت ظلمات في ظلمات .وكيف لم يرضخوا لحكم الله ورسوله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،وكأنَّهُم يَخَافُونَ أن يحيف الله ورسوله عليهم ،فيضيع حقّهم !
أمّا الآياتموضع البحثفإنّها تشرح موقف المؤمنين إزاء حكم الله ورسوله ،فتقول ( إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) .
ما أجمل هذا التعبير المختصر والمفيد ( سمعنا وأطعنا ) !
وقد وردتْ كلمة «إنّما » في الآية السابقة لتحصر كلام المؤمنين في عبارة ( سمعنا وأطعنا ) والواقع أن حقيقة الإيمان يكمن في هاتين الكلمتين فقط .
كيف يمكن أن يرجّح شخص حكم شخص آخر على حكم الله ،وهو يعتقد بأنّ الله عالم بكلّ شيء ،ولا حاجة له بأحد ،وهو الرحمن الرحيم ؟وكيف له أن يقوم بعمل إزاء حكم الله إلاّ السمع والطاعة ؟
فما أحسن هذه الوسيلة لامتحان المؤمنين الحقيقيين ونجاحهم في الامتحان ؟!لهذا تختتم الآية حديثها بالقول: ( وأُولئك هم المفلحون ) ولا شك في أنّ الفلاح نصيبُ الذي يسلّم أمرَه إلى الله ،ويعتقد بعدله وحُكمِه في حياته المادية والمعنوية .