وتابعت الآية الثّانية هذه الحقيقة بشكل أكثر عمومية ،فتقول: ( ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأُولئك هم الفائزون ){[2787]} .
وقد وصفت هذه الآية المطيعين المتقين بالفائزين ،كما وصفت الآيةُ السابقة الذين يرضخون لحكم الله ورسوله بالمفلحين .
وتُفيد مصادر اللغة أنَّ «الفوز » و«الفلاح » بمعنىً واحد تقريباً ،قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: «الفوز: الظفر بالخير مع حصول السلامة » و«الفلاح: الظفر وإدراك البغية » ( وفي الأصل بمعنى الشق ،وبما أنّ الاشخاص المفلحين يشقون طريقهم إلى مقصدهم ويزيلون العقبات منه أطلق الفلاح على الفوز أيضاً ) وبما أن الكلام في الآية السابقة كان عن الطاعة بشكل مطلق ،وفي الآية قبلها عن التسليم أمام حكم الله ،وأحدهما عام والآخر خاص ،فنتيجة كليهما واحدة .
و ما يستحقُّ الملاحظة هو أن الآية الأخيرة ذكرت ثلاثةَ أوصاف للفائزين: هي: طاعة الله والرّسول ،وخشية الله ،وتقوى الله .
وقال بعض المفسّرين: إنّ الطاعة ذات معنىً عام ،والخشية فرعها الباطني ،والتقوى فرعها الظاهري .وقد تحدثت أوّلا عن الطاعةِ بشكل عامّ ،ثمّ عن باطنها وظاهرها .
ورُوي عن الإمام الباقر( عليه السلام ) في تفسير قوله تعالى: ( أُولئك هم المفلحون )قال: «إنَّ المعني بالآية أمير المؤمنين ( علي ( عليه السلام ) ) »{[2788]} .
ولا خلاف في أنَّ علياً( عليه السلام ) خير مصداق لهذه الآية ،وهذا هو المراد من هذا الحديث فلا يفقد الآية عموميتها .