لحن الآية التاليةوكذلك سبب نزولها الذي ذكرته بعض التفاسيريعني أنّ بعض المنافقين تأثروا جداً على ما هم فيه ،بعد نزول الآيات السابقة والتي وجّهت اللوم الشديد إليهم ،فجاءوا إلى النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأقسموا يميناً مغلظة أنّنا نسلّم أمرنا إليك ،ولهذا أجابَهُم القرآن بشكل حاسم ( وأقسموا بالله جهد إيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن ) إلى ميدان الجهاد ،أو يخرجوا من أموالهم وبيوتهم فقل لهم: لا حاجة إلى القسم ،وعليكم عملا إطاعة الله بصدق وإخلاص( قل لا تقسموا طاعة معروفة إنّ الله خبير بما تعملون ) .
يرى كثير من المفسّرين أنّ كلمة «ليخرجن » في هذه الآية يقصد منها الخروج للجهاد في سبيل الله ،غير أنّ مفسّرين آخرين يرون أنّها تقصد عدم التهالك على المال والحياة ،واتباع الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) أينما رحل وحَلّ وطاعته .
وقد وردت كلمة «الخروج » ومشتقاتها في القرآن المجيد بمعنى الخروج إلى ميادين الجهاد تارة ،وتركِ المنزل والأهل والوطن في سبيل الله تعالى تارة أخرى ،إلاّ أنّ الآيات السابقة التي تحدثت عن حكم الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) في القضايا المختلفة يجعلنا نتقبل التّفسير الثّاني .بمعنى أن المنافقين جاءوا إلى النبي( صلى الله عليه وآله وسلم )ليعربوا عن طاعتهم لحكمُه( صلى الله عليه وآله وسلم ) والتسليم له ،فأقسموا على اخراج قسم من أموالهم ،بل أن يتركوا الحياة الدنيا إن أمرهم بذلك .
ولا مانع من الجمع بين التّفسيرين ،أي إنّهم كانوا على استعدادهم لترك أموالهم وأهليهم ،والخروج للجهاد وللتضحية في سبيل الله .
ولكن بما أنّ المنافقين يتقلبون في مواقفهم بحسب الظروف السائدة في المجتمع ،فتراهم يقسمون الأيمان المغلَّظة حتى تشعُرَ بأنّهم كاذبون ،فقد رَدَّ القرآنبصراحةأنّه لا حاجة إلى اليمين ،وإنّما لا بُدّ من البرهنة على صدق الإدعاء بالعمل ،لأنّ الله خبير بما تعملون .يعلم هل تكذبون في يمينكم ،أم تبغون تعديل مواضعكم واقعاً ؟