وتأكيداً على ما سبق بيانه يضيف القرآن الكريم قائلا: ( وما كنت بجانب الطور{[3074]} إذ نادينا ) أي نادينا موسى بأمر النبوّة ،ولكننا أنزلنا إليك بهذه الأخبار رحمة من الله عليك ( ولكن رحمةً من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ) .
وخلاصة الكلام: أنّ الله أخبرك يا محمّد بالحوادث التي فيها إيقاظ وإنذار لما جرى في الأقوام السابقين ،ولم تكن فيهم من الشاهدين ،لتتلو كل ذلك على قومك الذين هم على ضلال لعلهم يهتدون ولعلهم يتذكرون .
هنا ينقدح هذا السؤال: كيف يقول القرآن: ( لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك ) [ أي العرب المعاصرين للنبي محمّد( صلى الله عليه وآله )] في حين أنّنا نعرف أن الأرضلا تخلو من حجّة لله ،وكان بين العرب أوصياء للأنبياء السابقين ( كأوصياء عيسى( عليه السلام ) ) .
وفي الجواب على ذلك نقول: المقصود من ذلك هو إرسال رسول يحمل إلى قومه كتاباً سماويّاً بيّناً ..لأنّ بين عصر عيسى( عليه السلام ) وظهور نبي الإسلام( صلى الله عليه وآله ) قروناً مديدة ،ولم يأت بين عيسى والنبيّ محمّد( صلى الله عليه وآله وسلم ) نبيّ من أولي العزم ،ولذلك فقد كان هذا الموضوع ذريعة للملحدين والمفسدين .
يقول الإمام علي( عليه السلام ) في هذا الصدد «إن الله بعث محمّداً( صلى الله عليه وآله ) وليس أحد من العرب يقرأ كتاباً ولا يدعي نبوة ،فساق الناس حتى بوأهم محلتهم وبلغهم منجاتهم »{[3075]} .