/م44
المفردات:
الطور: الجبل
لتنذر: لتخوف وتحذر .
التفسير:
46-{وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون} .
لقد أخبرت عن الأنبياء والرسل ،والأمم والقيامة والبعث ،وما كان لك من علم بذلك إلا عن طريق الوحي ،فأنت لم تشاهد موسى عند تلقيه الرسالة ،ولم تكن بجانب الطور حين ناداه ربّه وأوحى إليه ،فالآية اختيار للحظة معينة اتصلت فيها السماء بالأرض ،وتفضل فيها الرب الكريم على موسى .
قال تعالى:{فلما أتاها نودي يا موسى* إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى*وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى*إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري} [ طه: 11-14] .
ونلمح هنا أن الآية 44 تكلمت عن رسالة موسى بصفة عامة ،أما الآية 46 فقد اختارت لحظة التفضل على موسى بالنداء والمناجاة ،فهذه أخص والسابقة أعم .
وقال قتادة: وما كنت بجانب الطور إذ نادينا .موسى ،وهذا أشبه بقوله:{وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر ..} ثم أخبر ههنا بصيغة أخرى أخص من ذلك وهو النداء ،كما قال تعالى:{وإذ نادى ربك موسى ..} الشعراء: 10] وقال تعالى:{إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى} [ النازعات: 16] .
وقال تعالى:{وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا} [ مريم: 52]
{ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون}
أي: إنك لم تكن بجانب الطور حين نادينا موسى ،ولكن أعطاك الله الرسالة ؛رحمة وفضلا وكرامة ،وفيها هذه الأخبار ،وفيها أيضا التشريع والهداية ،لتنذر بها قومك الذين لم يرسل إليهم رسول منذ عهد إسماعيل عليه السلام ،وهي مدة تزيد على ألفي عام ،فقد طال العهد عليهم ،وبعد الأمد بالرسل ،فكان من رحمة الله وفضله أن أرسلك على حين فترة من الرسل ؛لترشد الناس إلى الإيمان ،وتذكرهم بالوحي ،وترشدهم إلى الخالق الواحد سبحانه وتعالى .