في الآية الأخيرة من هذه الآيات والتي هي عبارة عن الأمر الخامس للرسول ( صلى الله عليه وآله ) يعود القرآن إلى الحديث مرّة اُخرى في مسألة التوحيد التي ابتدأ بها ليختمه بها ،يقول تعالى: ( قل أروني الذين ألحقتم به شركاء ) .
فما هي قيمة هؤلاء وقابلياتهم ؟فإن كان مقصودكم حفنة الحجر والخشب الجامدة الميتة .فإنّ ذلك لممّا يدعو إلى الخجل ويدلّل على سوء التوفيق أن تتوهّموا تشابه أحقر الموجوداتوهي الجمادات ممّا صنعت أيديكممع الله تعالى .وإن اعتقدتم بأنّها تمثّل الأرواح والملائكة فالمصيبة أعظم ،لأنّ هؤلاء أيضاً مخلوقات له سبحانه وتعالى ،ومنفذة لأوامره .
لذا فبعد هذه الجملة مباشرة ،وبكلمة واحدة يشطب على هذه الأباطيل فيقول: ( كلاّ ) فهذه الأشياء لا تستحقّ أن تعبد أبداً وهذه الأوهام والتصورات ليس لها شيء من الواقعية ،فإلى متى تسلكون هذه الطريقة الخاطئة .
وكلمة «كلاّ » مع صغرها استبطنت كلّ هذه المعاني .
ثمّ لأجل تأكيد وتثبيت هذا المعنى يقول مختتماً الحديث ( بل هو الله العزيز الحكيم ) .فعزّته وقدرته الخارقة ،تقتضي الدخول في حريم ربوبيته ،وحكمته تقتضي توجيه هذه القدرة في محلّها .
نعم ،فإنّ امتلاك هذه الصفات علامة كونه واجب الوجود ،وواجب الوجود وجود لا نهاية له ولا حدّ ،وغير قابل للتعدّد ،ولا شريك له ولا شبيه ،لأنّ أي تعدّد له يعني حدّه وإمكانيته ،بينما «الوجود اللا متناهي » دائماً وأبداً واحد لا غير «تأمّل » .
/خ27