الآيات
التّفسير
واضرب لهم مثلا أصحاب القرية:
لمتابعة البحوث الماضية في الآيات السابقة حول القرآن ونبوّة الرّسول الأكرم( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،والمؤمنين الصادقين ،والكفّار المعاندين ،تطرح هذه الآيات نموذجاً من موقف الاُمم السابقة بهذا الصدد ،إنّ هذه الآيات وبعضاً من الآيات التالية لها ،والتي تشكّل بمجموعها ثماني عشرة آية ،تتحدّث حول تأريخ عدد من الأنبياء السابقين الذين بعثوا لهداية المشركين عبّاد الأوثان الذين سمّاهم القرآن الكريم ( أصحاب القرية ) وكيف أنّهم نهضوا لمخالفة اُولئك الأنبياء ،وتكذيبهم ،وكانت خاتمتهم أن أخذهم العذاب الأليم ،لتكون تنبيهاً لمشركي مكّة من جهة ،وتسلية للرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفئة المؤمنين القليلة به في ذلك اليوم .على كلّ حال فإنّ التأكيد على إيراد هذه القصّة في قلب هذه السورة التي تعتبر هي بدورها قلب القرآن الكريم ،بسبب تشابه ظروف تلك القصّة مع ظروف المسلمين في ذلك اليوم .
أوّلا تقول الآيات الكريمة: ( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون ){[3664]} .
«القرية » في الأصل اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس ،وتطلق أحياناً على نفس الناس أيضاً ،لذا فمفهومها يتّسع حتّى يشمل المدن والنواحي ،وأطلقت في لغة العرب وفي القرآن المجيد مراراً على المدن المهمّة مثل «مصر » و «مكّة » وأمثالهما .
لكن ما اسم هذه القرية أو المدينة التي ذُكرت في هذه الآية ؟
المشهور بين المفسّرين أنّها «أنطاكية » إحدى مدن بلاد الشام .وهي إحدى المدن الرومية المشهورة قديماً ،كما أنّها ضمن منطقة نفوذ تركيا جغرافياً في الحال الحاضر ،وسنتعرض إلى تفصيل الحديث عنها في البحوث الآتية إن شاء الله ،وعلى كلّ حال فإنّه يظهر جيداً من آيات هذه السورة الكريمة أنّ أهل تلك المدينة كانوا يعبدون الأصنام ،وأنّ هؤلاء الرسل جاؤوا يدعونهم إلى التوحيد ونبذ الشرك .