ثمّ يضيف ( ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ المشارق ) .
وهنا نطرح سؤالين:
1ما هي الضرورة لذكر «المشارق » بعد ذكر السماوات والأرض وما بينهما ،رغم أنّ المشارق هي جزء منهما .
ويتّضح الجواب من خلال الالتفات إلى هذه النقطة وهي: إنّ المراد من «المشارق » هو الإشارة إلى مواقع شروق الشمس في أيّام السنة ،أو إلى مشارق النجوم المختلفة في السماء ،حيث أنّها جميعاً لها نظام وبرنامج خاصّ بها ،إضافةً إلى النظام السماوي والأرضي الذي يوضّح العلم والقدرة والتدبير المطلق للخالق .
فالشمس في كلّ يوم تشرق من مكان غير المكان الذي أشرقت منه قبل يوم أو بعد يوم ،والفواصل الموجودة بين هذه النقاط منظمة ودقيقة للغاية ،حيث أنّهالا تزيد ولا تقلّ بمقدار 10001 من الثانية ،وهذا التنظيم الدقيق موجود منذ ملايين السنين .
كما أنّ هذا النظام ينطبق على ظهور وغروب النجوم .
إضافةً إلى ذلك فإنّ الشمس لو لم تكن تتحرّك ضمن مسير تدريجي طوال العام ،لم يعد هناك وجود للفصول الأربعة وللنعم المختلفة التي تظهر خلال تلك الفصول ،وهذا دليل آخر على عظمة وتدبير الخالق عز وجل .
ومن المعاني الأخرى لكلمة «المشارق » ،هو أنّ الأرض لكونها كروية الشكل ،فإنّ كلّ نقطة عليها تعتبر بالنسبة إلى النقطة الأخرى إمّا مشرقاً أو مغرباً ،وبهذا فإنّ الآية تؤكّد كروية الأرض ووجود المشارق والمغارب ( ولا مانع من تحقّق المعنيين في الآية المذكورة ) .
أمّا السؤال الثاني الذي يطرح نفسه فهو: لماذا لم تأت كلمة «مغارب » في الآية في مقابل «المشارق » كما جاء في الآية ( 40 ) من سورة المعارج ( فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب ) .
والجواب على هذا السؤال ،هو أنّ قسماً من الكلام ينسخ قسماً آخر لوجود القرينة ،وفي بعض الأحيان يأتيان معاً ،وهنا ذكر كلمة «المشارق » قرينة على «المغارب » وهذا التنوّع يوضّح فصاحة القرآن وبلاغته .
فيما قال بعض المفسّرين: إنّ ذكر كلمة ( المشارق ) يتناسب مع شروق الوحي بواسطة الملائكة ( فالتاليات ذكراً ) على قلب النّبي الطاهر ( صلى الله عليه وآله وسلم ){[3740]} .