يقول تعالى: ( له مقاليد السماوات والأرض ) .
فكل ما يملكه مالك هو منه سبحانه وتعالى ،وكل ما يرغب به راغب ينبغي أن يطلبه منه ،لأنّ له تعالى خزائن السماوات والأرض وليس «مفاتيحها » وحسب ( ولله خزائن السماوات والأرض ){[4095]} .
«مقاليد » جمع «مقليد » وتعني المفتاح ،وهي تستخدم ككناية للسيطرة الكاملة على كلّ شيء ما ،فيقال مثلا: إنّ مفتاح هذا الأمر بيدي ،يعني أنّ برنامجه وطريقه وشرائطه كلّها تحت قدرتي وفي يدي{[4096]} .
وفي الصفة الأُخرى ،والتي هي في الواقع ثمرة ونتيجة للصفة السابقة تقول الآية: ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) لأنّ بيده تعالى جميع خزائن السماوات والأرض ه فإنّ جميع الأرزاق في قبضته ،ويقسمها وفقاً لمشيئته التي تصدر يمقتضى حكمته ،ويلاحظ فيها مصلحة العباد .
إنّ من مقتضيات استفادة جميع الكائنات من رزقه تعالى هو العلم بمقدار حاجتها ،ومكانها وسائر شؤون حياتها الأُخرى ،لذا تضيف الآية في آخر صفة قوله تعالى: ( إنّه بكل شيء عليم ) .
وهناك ما يشبه هذا الأمر وهو ما جاء في الآية ( 6 ) من سورة «هود » في قوله تعالى: ( وما من دابة في الأرض إلاّ على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) .
وبذلك يتّضح أنّ الآيات الأربع التي بحثناها ذكرت إحدى عشرة صفة من صفات الله الكمالية سواء الذاتية منها أو الفعلية .
فقد وصفته بصفات الولاية المطلقة ،إحياء الموتى ،قدرته على كلّ شيء ،خلقه للسماوات والأرض ،خلقه للإزواج وتكثير النسل ،لا يوجد مثيل له ،سميع ،بصير ،له خزائن السماوات والأرض ،رزاق ،وعليم بكل شيء .
إنّها صفات تكمل الواحدة منها الأُخرى من حيث البيان ،وكلّها دليل على ولايته وربوبيته ،وبالنتيجة تعتبر طريقاً لإثبات توحيده في العبادة .
/خ12