نعم ،لقد نجّى الله سبحانه هذه الأمّة المظلومة من قبضة هؤلاء الظالمين ،أعظم سفاكي الدماء في التأريخ ،في ظل ثورة موسى بن عمران( عليه السلام ) الرّبانية ،لذلك تضيف الآية ( من فرعون إنّه كان عالياً من المسرفين ) .
ليس المراد من «عالياً » هنا علو المنزلة ،بل هو إشارة إلى استشعاره العلو ،وإنّما علوه في الإسراف والتعدي ،كما جاء ذلك أيضاً في الآية ( 4 ) من سورة القصص ( إنّ فرعون علا في الأرض ) حتى أنّه ادعى الألوهية ،وسمى نفسه الرب الأعلى .
و«المسرف » من مادة «إسراف » ،أي كلّ تجاوز للحدود ،سواء في الأقوال أم الأفعال ،ولذلك استعملت كلمة المسرف في آيات القرآن المختلفة في شأن المجرمين الذين يتعدون الحدود في ظلمهم وفسادهم ،وكذلك أطلقت على العصاة المسرفين ،كما نقرأ ذلك في الآية ( 53 ) من سورة الزمر ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) .