والوصف الثاني من أوصافهم يذكره القرآن بهذا البيان: ( وبالأسحار هم يستغفرون ) .
فحيث أنّ عيون الغافلين هاجعة آخر الليل والمحيط هادئ تماماً ،فلا صخب ولا ضجيج ولا شيء يشغل فكر الإنسان ويقلق باله ..ينهضون ويقفون بين يدي الله ويعربون له عن حاجتهم وفاقتهم ،ويصفّون أقدامهم ،ويصلّون ويستغفرون عن ذنوبهم خاصّة .
ويرى الكثير من المفسّرين أنّ المراد من «الاستغفار » هنا هو «صلاة الليل » لأنّ «الوتر » منها مشتمل على الاستغفار .
و «الأسحار » جمع سحر على زنة «بشر » ومعناه في الأصل الخفي أو المغطّى ،وحيث أنّه في الساعات الأخيرة من الليل يغطّي كلّ شيء خفاء خاصّ ،فقد سمّى آخر الليل سحراً .
وكلمة «سحر »بكسر السينتطلق أيضاً على ما يُغطّي وجه الحقائق أو يخفي أسرارها عن الآخرين !.
وقد جاء في رواية في تفسير «الدرّ المنثور » أنّ النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: «إنّ آخر الليل في التهجّد أحبّ إليّ من أوّله ،لأنّ الله يقول: وبالأسحار هم يستغفرون »{[4697]} .
ونقرأ حديثاً آخر عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) يقول: «كانوا يستغفرون الله في الوتر سبعين مرّة في السحر »{[4698]} .
/خ19