لذلك فإنّ الآية الأخيرة من الآيات محلّ البحث تُقسم فتقول: ( فوربّ السماء والأرض إنّه لحقّ مثل ما أنكم تنطقون ) .
وقد بلغ الأمر حدّاً أن يقسم الله على ما لديه من عظمة وقدرة ليُطمئِنَ عباده الشاكّين ضعاف الأنفس الحريصين إنّ ما توعدون في مجال الرزق والثواب والعقاب والقيامة جميعه حقّ ولا ريب في كلّ ذلك{[4706]} .
والتعبير ب ( مثل ما أنّكم تنطقون ) تعبير لطيف ودقيق إذ يتحدّث عن أكثر الأشياء لمساً ،لأنّه قد يخطئ الإنسان في الباصرة أو السمع بأن يتوهّم أنّه سمع أو رأى ،إلاّ أنّه لا يمكن أن يتوهّم أنّه قال شيئاً مع أنّه لم يقله ..لذلك فإنّ القرآن يقول: كما أنّ ما تنطقون محسوس عندكم وله واقع ،فإنّ الرزق والوعد الإلهي عنده كذلك !
ثمّ بعد هذا كلّه فإنّ النطق بنفسه واحد من أكبر الأرزاق والمواهب الإلهيّة التي لم يتمتّع بها أي موجود حيّ سوى الإنسان ،وليس بخاف أثر الكلام والنطق في الحياة الاجتماعية وتعليم الناس وتربيتهم وانتقال العلوم وحلّ مشاكل الحياة على أحد .
/خ23