ومرّة أخرى لمزيد التأكيد يضيف قائلا: ( وإنّ الدين لواقع ) الدين: هنا معناه الجزاء كما جاء بهذا المعنى في قوله تعالى: ( مالك يوم الدين ): أي يوم الجزاء .
وأساساً فإنّ واحداً من أسماء يوم القيامة هو «يوم الدين » و «يوم الجزاء » ويتّضح من ذلك أنّ المراد من الوعود الواقعة «هنا » هي ما يوعدون عن يوم القيامة وما يتعلّق بها من حساب وثواب وعقاب وجنّة ونار وسائر الأمور المتعلّقة بالمعاد ،فعلى هذا تكون الجملة الأولى شاملة لجميع الوعود ،والجملة الثانية تأكيد آخر على مسألة الجزاء .
وبعد عدّة جمل أخر سيأتي الكلام على يوم الدين ،وكما أشرنا آنفاً فإنّ الأقسام الواردة في بداية السورة لها علاقة وتناسب بيّن مع نتيجة هذه الأقسام !لأنّ حركة الرياح ونزول الغيث ونتيجة لكلّ ذلك فإنّ حياة الأرض بعد موتها بنفسها مشهد من مشاهد القيامة والمعاد يبدو في هذه الدنيا .
قال بعض المفسّرين إنّ ( ما توعدون ) يحمل معنى واسعاً يشمل جميع الوعود الإلهيّة المتعلّقة بيوم القيامة والدنيا وتقسيم الأرزاق ومجازاة المجرمين في هذه الدنيا والدار الآخرة وانتصار المؤمنين الصالحين ،فالآية ( 22 ) من هذه السورة ذاتها التي تقول: ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) يمكن أن تكون تأكيداً أو تأييداً لهذا المعنى ،وحيث أنّ لفظ الآية مطلق فلا تبعد هذه العمومية .
وعلى كلّ حال فإنّ الوعود الإلهية جميعها صادقة لأنّ خلف الوعد إمّا ناشئ عن الجهل أو العجز !..الجهل الباعث على تغيير فكر الواعد ،والعجز المانع من الوفاء به ،إلاّ أنّ الله العالم والقادر لا تتخلّف وعوده أبداً ..تعالى الله عن ذلك !