وفي الآية التالية يبيّن القرآن علّة الانحراف عن الحقّ فيقول: ( يؤفك عنه من اُفِك ) أي يؤفك عن الإيمان بالقيامة والبعث كلّ مخالف للحقّ !وإلاّ فإنّ دلائل الحياة بعد الموت واضحة وجليّة !
وينبغي الالتفات إلى أنّ تعبير الآية عامّ ومغلق ،وترجمتها الحرفية هي «ليصرف عنه من هو مصروف » .
لأنّ «الإفك » في الأصل يطلق على صرف الشيء ،فلذا يطلق على الكذب الذي فيه تأثير انحرافي بأنّه إفك ،كما يطلق على الرياح المختلفة بأنّها «المؤتفكات » .
ولكن مع ملاحظة أنّ الكلام كان في الآيات المتقدّمة على المعاد والقيامة ،فمن المعلوم أنّ المراد الأصلي من الانحراف والأفك هنا هو الانحراف عن هذه العقيدة ..كما أنّه حيث كان الكلام في الآية المتقدّمة عن اختلاف كلام الكفّار وتناقضهم فيعلم أنّ المراد هنا من الآية هم اُولئك المنحرفون عن الإيمان بالمعاد الذين انحرفوا عن مسير الدليل العقلي والمنطق السليم الباحث عن الحقّ !
وبالطبع لا مانع أن يكون المراد من «الإفك » هنا هو الانحراف عن قبول الحقّ أيّاً كان نوعه ،سواءً كان هذا الانحراف عن القرآن أم التوحيد أو النبوّة أو المعاد «ومن هذا القبيل مسألة ولاية الأئمّة المعصومين الواردة في بعض الرّوايات » ولكن مسألة القيامة والمعاد على كلّ حال التي هي الموضوع الأصلي داخلة فيه قطعاً .