وفي آخر آيةمورد البحثيستعرض سبحانه مقارنة بين هاتين الجماعتين: الجماعة المؤمنة المتّقية السائرة باتّجاه المبدأ والمعاد ،والجماعة الغافلة عن ذكر الله ،التي ابتليت كنتيجة للغفلة عن الله بنسيان ذاتها .
حيث يقول سبحانه:{لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنّة} .
ليس في الدنيا ،ولا في المعتقدات ،وليس في طريقة التفكير والمنهج ،وليس في طريقة الحياة الفردية والاجتماعية للإنسان وأهدافه ،ولا في المحصّلة الأخروية والجزاء الإلهي ..إذ أنّ خطّ كلّ مجموعة من هاتين المجموعتين في اتّجاه متعارض ..متعارض في كلّ شيء وكلّ مكان وكلّ هدف ..إحداهما تؤكّد على ذكر الله والقيامة وإحياء القيم الإنسانية الرفيعة ،والقيام بالأعمال الصالحة كذخيرة ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ..والأخرى غارقة في الشهوات واللذات المادية ،وأسيرة الأهواء ومبتلية بالنسيان{[5215]} ..وبهذا فإنّ الإنسان على مفترق طريقين ،إمّا أن يرتبط بالقسم الأوّل ،أو بالقسم الثاني ،وليس غيرهما من سبيل آخر .
وفي نهاية الآية نلاحظ حكماً قاطعاً حيث يضيف سبحانه:{أصحاب الجنّة هم الفائزون} .
فليس في الدار الآخرة فقط يوجد ( فائزون وخاسرون ) بل في هذه الدنيا أيضاً ،حيث يكون الانتصار والنجاة والسكينة من نصيب المؤمنين المتّقين ،كما أنّ الهزيمة والخسران في الدارين تكون من نصيب الغافلين .
ونقرأ في حديث لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه فسّر{أصحاب الجنّة} بالأشخاص الذين أطاعوه ،وتقبّلوا ولاية علي ( عليه السلام ) .وأصحاب النار بالأشخاص الذين رفضوا ولاية علي ( عليه السلام ) ،ونقضوا العهد معه وحاربوه{[5216]} .
وطبيعي أنّ هذا أحد المصاديق الواضحة لمفهوم الآية ،ولا يحدّد عموميتها .
/خ20