/م109
التّفسير
وردت في الآيات السابقة أدلة كثيرة كافية على التوحيد ،وردّ الشرك وعبادة الأصنام ،ومع ذلك فإِنّ فريقاً من المشركين المعاندين المتعصبين لم يرضخوا للحق ،وراحوا يعترضون وينتقدون ،من ذلك أنّهم أخذوا يطلبون من رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم )القيام بخوارق عجيبة وغريبة يستحيل بعضها أساساً ( مثل طلب رؤية الله ) ،زاعمين كذباً أنّ هدفهم من رؤية تلك المعجزات هو الإِيمان ،في الآية الأُولى يقول القرآن: ( اقسموا بالله جهد إِيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ){[1279]} .
وفي الردّ عليهم يشير القرآن إِلى حقيقتين: يأمر النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوّلا أن يقول لهم: ( قل إِنّما الآيات عند الله ) ،أي أن تحقيق المعجزة لا يكون وفق مشتهياتهم ،بل إِنّها بيد الله وبأمره .
ثمّ يخاطب المسلمين البسطاء الذين تأثروا بإِيمان المشركين فيقول لهم: ( وما يشعركم أنّها إِذا جاءت لا يؤمنون ){[1280]} مؤكداً بذلك أنّ هؤلاء المشركين كاذبون في قسمهم .
كما أنّ مختلف المشاهد التي جرت بينهم وبين رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) تؤكّد حقيقة أنّهم لم يكونوا يبحثون عن الحق ،بل كان هدفهم من كل ذلك أن يشغلوا الناس ويبذروا في نفوسهم الشك والتردد .