وعندما ألقى السحرة بحبالهم وعصيّهم في وسط الميدان سحروا أعين الناس ،وأوجدوا بأعمالهم وأقاويلهم المهرجة ومبالغاتهم وهرطقاتهم خوفاً في قلوب المتفرجين ،وأظهروا سحراً كبيراً رهيباً: ( فلمّا ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم ) .
وكلمة «السحر »كما مرّ في المجلد الأوّل من هذه الموسوعة التفسيرية ،عند تفسير الآية ( 102 ) من سورة البقرةتعني في الأساس الخداع والشعبذية ،وقد يطلق أيضاً على كل عامل غامض ،ودافع غير مرئي .
وعلى هذا الأساس ،فإن هذه الجماعة كانت توجد أفعالا عجيبة بالاعتماد على سرعة حركة الأيدي ،والمهارة الفائقة في تحريك الأشياء لتبدو وكأنّها أمورٌ خارقة للعادة وكذلك الأشخاص الذين يستفيدون من الخواص الكيمياوية والفيزياوية الغامضة الموجودة في الأشياء والمواد ،فيظهرون أعمالا مختلفة خارقة للعادة .كل هؤلاء يدخلون تحت عنوان «الساحر » .
هذا علاوة على أن السحرة يستفيدونعادةمن سلسلة من الإيحاءات المؤثرة في مستمعيهم ،ومن العبارات والجمل المبالغة ،وربّما الرهيبة المخوفة لتكميل عملهم ،والتي تترك آثاراً جدّ عجيبة في مستمعيهم ومتفرجيهم وجمهورهم .
ويستفاد من آيات مختلفة في هذه السورة ومن سور قرآنية أُخرى حول قصة سحرة فرعون ،أنّهم استخدموا كل هذه العوامل والأدوات ،وعبارة «سحروا أعين الناس » وجملة «استرهبوهم » أو تعبيرات أُخرى في سور «طه » و«الشعراء » جميعها شواهد على هذه الحقيقة .
/خ117