ويتناول القرآن الكريم بعض خصائص ذلك اليوم العظيم ،فيقول: ( يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً ) .
ويستفاد من آيات القرآن أنّ ثمّة نفختان عظيمتان ستحدثان باسم ( نفخ الصور ) ..ففي النفخة الأولى سينهار كلّ عالم الوجود ،ويخرّ ميتاً كلّ من في السموات والأرض ،وفي النفخة الثّانية يتجدّد عالم الوجود وتعود الحياة إلى الأموات مرّة أخرى ،ليقول بعدها يوم القيامة .
«الصور »: بوق يستعمل لإعطاء إشارة التوقف أو الحركة للقوافل أو الكتائب العسكرية وما شابهها من الاستعمالات ،وتختلف الإشارة بين المجاميع التي تستعمل البوق ،كلّ حسب ما تعارف عليه .
واستعمل القرآن «الصور » ككناية لطيفة للتعبير عن المحدثين العظيمين المذكورين أعلاه ،وأمّا ما ورد في الآية فيختص بنفخة الصور الثّانية ،أي: نفخة القيام وإعادة الحياة{[5720]} .
ومع أنّ الآية أعلاه تقول: ( فتأتون أفواجاً ) ،ولكنّ الآية ( 95 ) من سورة مريم تقول: ( وكلهم آتية يوم القيامة فرداً ) ،والآية ( 71 ) من سورة الإسراء تقول: ( يوم ندعو كلّ اُناس بإمامهم ) ،فكيف يمكن تخريج ذلك ؟
يمكن جمع الآيات الثلاثة بلحاظ أنّ حشر الناس أفواجاً لا بعرض أنّ يتقدمهم إمام ،وأمّا الحشر فرادى فبلحاظ ما ليوم القيامة من مواقف متعددة ،حيث يمكن أن يكون ورود الناس في المواقف الأولى على شكل أفواج مع أئمّتهم ( سواء كانوا أئمّة هدى أم أئمّة ضلال ) ،وحينما يستقر بهم المآل سيقفون في ساحة العدل الإلهي على شكل فرادى ،كما تنقل لنا الآية ( 21 ) من سورة ( ق ) عن ذلك المشهد العظيم: ( وجاءت كلّ نفس معها سائق وشهيد ) .
وثمّة احتمال آخر في معنى «فرداً »: هو انفصال الإنسان في ذلك اليوم عن أحبائه ومتعلقيه ،ولا يكون معه يومئذ إلاّ ما كسبت يداه .