التّفسير
الذين يستلمون كتابهم من وراء ظهرهم:
بعد أن عرضت الآيات السابقة أحوال فريق أصحاب اليمين ،تأتي الآيات أعلاه لتعرض لنا أحوال الفريق الآخر ،وتوصف لنا كيفية إعطاء كتاب كلّ منهم مشرعة لتقديم المشاهد الأخرى: ( وأمّا مَن اُوتي كتابه وراء ظهره ) .. فيصرخ وينادي الويل لي لقد هلكت ( فسوف يدعو ثبوراً ) .
( ويصلى سعيراً )
ذكرت الآية بأن المجرمين سيؤتون كتبهم من وراء ظهورهم ،في حين أنّ آيات أخرى تقول بأنّ المذنبين سيعطى كتاب كلّ منهم بيده الشمال .
فهل من تأليف فيما بين العرضين ؟
للمفسّرين جملة آراء في ذلك ،منها:
قيل: إنّ يدهم اليمنى تُغلّ إلى أعناقهم ،ويعطون الكتاب باليد اليسرى من وراء ظهورهم إيغالاً في إذلالهم وإخجالهم .
وقيل: إنّ كلتي يديهم تربط من خلفهمكما يفعل بالأسيرويعطون الكتاب باليد اليسرى من وراء الظهر .
وقيل أيضاً: ستكون وجوه المجرمين من الخلف ،بدلالة الآية ( 47 ) من سورة النساء: ( من قبل أن نطمس وجوهاً فنردها على أدبارها ) ،فيعطون كتبهم من وراء ظهورهم وبيدهم اليسرى ،كي يقرؤوها بأنفسهم .
والأنسب أن نقول: سيأخذ أصحاب اليمين كتبهم بافتخار ومباهاة في يدهم اليمنى ،وكلّ منهم يقول: ( هاؤم اقرأوا كتابيه ){[5884]} ،ولكن المجرمين سيأخذون كتبهم بأيديهم اليسرى وبسرعة ويضعونها وراء ظهورهم خجلاً وذلاً ،ولكي لا يطّلع على ما فيها أحد ،ولكن ،هيهات ..فكلّ شيء حينئذ بارز ،كيف لا وهو «يوم البروز » !...