قوله تعالى{وإذا مسّ الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضرّه مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسّه كذلك زيّن للمُسرفين ما كانوا يعملون} .
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن الإنسان وضجره وقلقه إذا مسهالشر كقوله:{وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} أي كثير وهما في معنى واحد وذلك لأنه إذا أصابته شدة قلق لها وجزع منها وأكثر الدعاء عند ذلك فدعا الله في كشفها ورفعها عنه في حال اضطجاعه وقعوده وقيامه وفي جميع أحواله فإذا فرج الله شدته وكشف كربته أعرض ونأى بجانبه وذهب كأنه ما كان به من ذلك شيء{مرّ كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} .
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى{وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الإنسان في وقت الكرب ،يبتهل إلى ربه بالدعاء في جميع أحواله ،فإذا أفرج الله كربه ،أعرض عن ذكر ربه ،ونسى ما كان فيه كأنه لم يكن فيه قط .وبين هذا في مواضع أخر كقوله:{وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة نسى ما كان يدعو إليه من قبل} الآية ،وقوله:{فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خوّلناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم} الآية ،وقوله:{وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه شر فذو دعاء عريض} والآيات في مثل ذلك كثيرة ،إلا أن الله استثنى من هذه الصفات الذميمة عباده المؤمنين ،بقوله في سورة هود:{ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عنى إنه لفرح فخور إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير} .