{الضُّرُّ}: المشقة والبلاء .
اللجوء إلى الله عند الضرّ
{وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا} وتلك هي سيرة الإنسان الذي لا يعرف الله إلاَّ في حالات الشدّة ،فيلجأ إليه في خشوع وخضوعٍ ،في كل حالاته ،في إلحاحٍ مستمر لا يترك أيَّة فرصةٍ ،فهو يدعو في حالات القيام والقعود والاضطجاع ،فيستجيب الله دعاءه ليفسح له المجال للتراجع عن غيّه من موقع إحساسه بالحاجة إلى الله لكشف الضرّ عنه ،وليدفعه إلى الامتداد في هذا الاتجاه القريب إليه ..{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ} وأحسّ بالطمأنينة للحالة الجديدة التي ارتفع فيها عنه الشعور بالضغط تجاه الخطر ،نسي كل شيء ورجع إلى طغيانه وتمرّده ،و{مَرَّ} في طريق الغفلة والنسيان والشهوات{كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ} ولم يحصل على نتائج دعائه ،ولم يلتفت إلى المقارنة بين حالته الأولى المليئة بالآلام والمشاكل ،وحالته الثانية البعيدة عن كل سوءٍ .{كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فخيّل إليهم أن الحياة ممدودة لشهواتهم وطغيانهم ،فليس هناك من سبيل عليهم ،وليس هناك من حدٍّ لحريتهم في الكيد والمكر والعصيان ،فزيّن لهم الشيطان الموقف ،وأبعدهممن خلال ذلكعن وعي الخطأ في ما يفكرون ،والضلال في ما يعملون ،فأسرفوا في هذا الخط من دون وعيٍ ،وساروا بعيداً في خط الشيطان فهلكوا وأهلكوا ،تماماً كما هلك من كان قبلهم ،بعد أن مدّ الله لهم فلم يأخذهم بالعذاب بسرعة