قوله تعالى:{وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ} .
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الإنسان في وقت الكرب ،يبتهل إلى ربه بالدعاء في جميع أحواله .فإذا فرج الله كربه ،أعرض عن ذكر ربه ،ونسي ما كان فيه كأنه لم يكن فيه قط .
وبين هذا في مواضع أخر كقوله:{وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ} [ الزمر:8] الآية: وقوله:{فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} [ الزمر49] الآية:: وقوله:{وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ} [ فصلت: 51] والآيات في مثل ذلك كثيرة .
إلا أن الله استثنى من هذه الصفات الذميمة عباده المؤمنين ،بقوله في سورة هود:{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُور إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [ هود: 10-11] ،وقد قال صلى الله عليه وسلم: «عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاء ،إلا كان خيراً له ،إن أصابته ضراء فصبر فكان خيراً له ،وإن أصابته سراء فشكر فكان خيراً له ،وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن » .