قوله تعالى:{اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ}}{يَبْسُطُ الرِّزْقَ} أي يوسعه{[2351]} .
الله هو الرزاق الذي يوسع على عباده فيعطيهم من رزقه ما يشاء سواء فيهم المؤمنون والكافرون{وَيَقَدِرُ} أي يقتر .وذلك في مقابل بسطه الرزق للناس .وذلك يفضي إلى التفاوت في أرزاق الناس ؛فيكون فيهم الأغنياء والفقراء ؛تحقيقا لمزية التكامل بين الأفراد في المجتمع الإسلامي .
قوله:{وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الضمير عائد على الظالمين الذين ينقضون العهود والمواثيق ؛فقد فرحوا بطرا بما أتوه من بسطة في المال والرزق فلم يشكروا الله على ما أنعم عليهم وآتاهم من فضله بل كانوا لاهين غافلين عن الله وعن دينه وما شرعه لهم ،وقد استحوذ على قلوبهم حب الدنيا وما فيها من زخرف ومال ،فألهاهم ذلك عن الموعظة والاعتبار وذكر اليوم الآخر حتى أحاطت بهم المعاصي .
قوله:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ} أي ليست الدنيا هذه بنعيمها وزخرفها وبهجتها في جنب النعيم الأخروي إلا النزر اليسير ،فما يتمتع به الناس في حياتهم الدنيا من مال وخيرات وشهوات ليس إلا القليل الزائل ؛فهو قليل حقير بالغ الهوان .وهو كذلك ذاهب داثر ما يلبث أن يزول ويفني .وفي الحديث مما رواه مسلم وأحمد عن المستورد أخي بني فهر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم ؛فلينظر بما ترجع ) .