قوله: ( وما بكم من نعمة فمن الله )"ما "،شرطية ،أو موصولة متضمنة معنى الشرط .والمعنى: وأي شيء اتصل بكم من نعمه فهو من الله .سواء في النعمة غنى المال والخصب وعافية البدن وغير ذلك من وجوه الخير ؛فهو كله من نعمة الله .
( ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ) إذا أصابكم الضر ،وهو الفاقة والحاجة والأسقام ،أو هو كل ما كان من سوء الحال والفقر والشدة والمرض ؛إذا أصابكم شيء من ذلك ترفعون أصواتكم بالاستغاثة ،وتتضرعون إليه بالدعاء ،{[2542]} وذلك هو الجأر أو الجؤار وهو الصوت الشديد كخوار البقر{[2543]} .
والمعنى: أن النعم كلها من الله يمتن بها على من يشاء من عباده .وإذا أصاب العبد من البلاء ما زالت به عنه نعمة من النعم ؛فإنه يبادر إلى الجأر إلى الله داعيا متضرعا مستغيثا ،حتى إذا استجاب الله دعاءه فكشف عنه البلاء ،وما أصابه من الضراء والآفات ،انقلب في الغالب على وجهه ناسيا فضل الله عليه ،جاحدا ما خوله إياه من النعم .وهو قوله تعالى:{ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون}