هذا .. ( وما بكم من نعمة فمن اللّه ) .
فهذه الآية تحمل البيان الثّالث بخصوص لزوم عبادة اللّه الواحد جلّ وعلا ،وأنّ عبادة الأصنام إِن كانت شكراً على نعمة فهي ليست بمنعمة ،بل الكل بلا استثناء منعّمون في نعم اللّه تعالى ،وهو الأحق بالعبادة لا غيره .
وعلاوة على ذلك ... ( ثمّ إِذا مسّكم الضرّ فإِليه تجأرون ) .
فإِنْ كانت عبادتكم للأصنام دفعاً للضر وحلا للمعضلات ،فهذا من اللّه وليس من غيره ،وهو ما تظهره ممارساتكم عملياً حين إِصابتكم بالضر ،فَلِمَن تلتجئون ؟إِنّكم تتركون كل شيء وتتجهون إلى اللّه .
وهذا البيان الرّابع حول مسألة التوحيد بالعبادة .
«تجئرون »: من مادة ( الجؤار ) على وزن ( غبار ) ،بمعنى صوت الحيوانات والوحوش الحاصل بلا اختيار عند الألم ،ثمّ استعملت كنايةً في كل الآهات غير الاختيارية الناتجة عن ضيق أو ألم .
إِنّ اختيار هذه العبارة هنا ،إِشارة إلى أنّه عندما تتراكم عليكم الويلات ،ويحل بكم البلاء الشديد ،تطلقون حينها صرخات الاستغاثة اللااختيارية ..وأنتم بهذه الحال ،أتوجهون النداء لغيره سبحانه وتعالى ؟!فلماذا إِذَنْ في حياتكم الاعتيادية ،وعندما تواجهون المشاكل اليسيرة تلتجؤون إلى الأصنام ؟!